التراث العـربي الإسلامـي

لا يستطيع أحد أن يعرف نفسه خارج سياقه التاريخي.. وإلا سيكون شخصًا آخر غير نفسه

التراث .. لماذا؟

PassageofTajMahalMosque

الذاكرة الجماعية والهوية الجماعية والوعي الجماعي مصطلحات قريبة هي بمثابة الدليل الإرشادي لأي أمة أو مجتمع لأنها خليط من الأفكار والثقافة والتقاليد المتراكمة.. تشكلت بصورة أساسية من التراث والتاريخ.. لذلك لا يستطيع أحد أن يعرف نفسه خارج سياقه التاريخي، وإلا سيكون شخصًا آخر غير نفسه..

التراث من أهم منابع الهوية .. الهوية الفردية والهوية الجماعية .. من دون هذه الهوية يضمحل ويتفكك هذا الفرد أو تلك الجماعة داخليًا، أو تندمج ثقافيًاً في التيارات الحضارية والثقافية الأخرى التي تتمكن من فرض هوياتها الخاصة.. والأمم الضعيفة الهامشية تتعرض لهذا التفكيك باستمرار .. ويُدفعون نحوه بقوة مطردة .. من قِبَل التيارات العالمية الأقوى والأكثر وعيًا بهويتها ..

والوعي الجماعي في ذهن الأفراد والمجتمعات -كموقف وجودي وإنساني- يتكون عبر تراكم معرفي طويل، تبعًا لمعايير أخلاقية وعقلية، تتشكل كنتاج لحركة المجتمع، مما يعبر عن خواص الأمة وكينونتها.

والأمة أي أمة ليست مجرد جمع عددي للأفراد بقدر ما هي تراكم معرفي للعقول والأنفس والأمزجة والعادات والأعراف، هذا التراكم المعرفي يسهم بشكل كبير في تحديد ملامح الأمة وقدرتها على تحقيق وجودها وتفاعلها مع حركة التاريخ.

والتطور المعرفي والتكنولوجي الرهيب يُحدث خلخلة للوعي الجمعي في الأمم الهامشية المتأخر، وكلما كان وعي تلك الأمم بذاتها مشوشًا كانت مقاومتها لهذا السحق الحضاري أضعف.. ومقاومة هذا السحق لا تكون إلا بوعي حقيقي بتاريخ الأمة وباطلاع شامل على إرثها الفكري والأخلاقي (التراكم المعرفة) .. وهذا ما تفهمه جيدا الإمبريالية العالمية لذلك لا تدخر جهدًا في زيادة الاضطراب والتشويش والتخبط والإبعاد عن خصوصية الأمة وتاريخها
والتراث العربي الإسلامي يتمثل معظمه في المكتبة العربية على مدار 14 قرنًا من الزمان.. تلك المكتبة في حاجة إلى جهود كبيرة جدًا للوقوف عليها ثم إلى محاولة فهمها في سياقاتها التاريخية المختلفة ثم إلى البث والنشر والتقريب والتبسيط لكل الأفراد

ويمكن أن نقرب الصورة بالإنسان فاقد الذاكرة فهو وعاء فارغ لما يوضع فيه.. لذلك هو منقاد وفق أي أفكار تُدس في عقله الفارغ، ليس كذلك فحسب بل وقع هذا الراجل في يد عدوه التاريخي الذي خطط تخطيطًاً دقيقًا لاستغلال لإفقاده الذاكرة حتى يتمكن من تحويله إلى جندي من جنوده ..

الأمم حالها كحال هذا الإنسان إن تخلت عن تراثها = تفقد هويتها = تفقد رؤيتها = تصبح كالسفينة التائهة في المحيط تسير كيفما يتفق لها.. أو كما يشاء من يتسلط عليها ..

هذه ليست دعوة للانكفاء على الذات .. لكنها دعوة لمعرفة الذات والحفاظ على الأنا دون الانمحاق في الآخر.. هي دعوة للاشتراك مع الآخر لإنتاج معرفة عالمية متعددة المشارب ..

لهذا.. التراث
ولهذا ينبغي أن نحافظ على ذاكرة أمتنا

أضف تعليق